مقالات وتجارب
التعليم عبر الانترنت في عالمنا العربي
- 29/09/2023
- Posted by: Nerdsera
- الفئة: مقالات تعليمية
ظهرت شبكة الانترنت لتصنع ثورة تقنية كبرى أحدثت من خلالها نقلة نوعية في مختلف مجالات الحياة. فلا يكاد يمر يوم علينا الا ونقضي دقائق قد تصل أحيانا كثيرة الى ساعات أمام متصفح الانترنت نشاهد فيديو على اليوتيوب أو نتحقق من البريد الالكتروني أو نطالع أخر الاخبار حول العالم أو نتعلم شيئاً جديداً او نقوم بإجراء معاملة حكومية أو حتى اللعب مع الاخرين. ولذلك يعتبر الكثير أن شبكة الانترنت هي أهم اختراعات القرن العشرين لانها ببساطة جعلت من العالم الواسع قرية صغيرة تستطيع ان تفعل فيها أي شئ يخطر ببالك.
وقد أدركت الشعوب والامم قيمة هذه الشبكة العنكبوتية العالمية وشارك علمائها وفلاسفتها ومعلميها ومربيها والباحثين وحتى المتعلمين المبتدئين شاركوا بإنتاج معرفي غزير حتى انك تجد اجابة لكل شئ تقريبا لو بحثت بالانجليزية. بل وقاموا بإنشاء موسوعة على الانترنت فيها عشرات الالاف من المقالات والمعلومات والمصادر المعرفية وهي موسوعة ويكيبيديا الشهيرة والتي يتطوع الالاف العلماء في كتابة مقالات تحوي خلاصة علومهم وخبراتهم في مجالات شتى.
بل وذهبوا الى أكثر من ذلك حيث تم توظيف شبكة الانترنت وما تقدمه من مزايا رائعة في التعليم الالكتروني فظهرت منصات تعليمية تقدم دورات تدريبية افتراضية مجانية او مدفوعة وتعاونت بعضها مع مؤسسات اكاديمية عريقة لتقدم محتوى علمي تدريبي في مجالات متنوعة مثل التقنية والعلوم ومهارات تطوير الذات واللغات وغيرها الكثير. وبالتالي أصبح الكثير من المستخدمين اليوم يتجه إلى التعلم الذاتي وتطوير القدرات بالاشتراك في هذه البرامج التدريبية عبر تلك المنصات.
كل هذا رائع جداً ولكن الشئ المؤسف ان كل ماتحدثنا عنه من انتاج علمي ومعرفي هو متوفر بغزارة ووفرة كبيرة جدا في مجتمعات الانترنت الاجنبية وبلغات مختلف الامم والشعوب. فماذا عن لغتنا العربية والمساهمة العربية في بناء مجتمعات معرفية عربية؟ للأسف الشديد اننا نقبع في آخر القائمة حيث أن وفرة الانتاج العلمي والمعرفي العربي في فضاء الانترنت هي بنسبة قليلة جدا جدا لاتتجاوز 3% مقارنة باللغات والمجتمعات الاخرى . هذا شئ يثير الاحباط كثيراً اليس كذلك؟!
فالكثير منا يقضي ساعات وساعات بل وأيام وأسابيع في البحث عن محتوى تعليمي عربي متكامل في تعلم موضوع معين وأن يكون بجودة عالية وبه نسبة عالية من الجودة والموثوقية والاتقان ولكن للأسف الشديد لا يجد مراده الا بصعوبة بالغة وفي أضيق الحدود والاحتمالات بل أنه قد لا يضيع وقته وجهده سدى ولا يحصل على مراده ببساطه لان المحتوى التعليمي العربي لايلقى رواجا بين الشباب والفتيات مثل مقاطع الترفيه والتسليه التي سلبت من الكثير اوقاتهم وطاقاتهم بدون أي فائدة تذكر.
لاتفهموني خطأ أرجوكم !! فأنا لست ضد الترفيه والتسلية أبدا بل أنني اشجع عليها خصوصا اذا كانت ستؤدي الى تجديد النشاط وزيادة الهمة والحيوية والحماس نحو تحقيق الاهداف. ولكن الشئ المخيب للامال هو الثمن الباهض الذي يدفعه الكثير من عمره ووقته وتفكيره وصحته في مشاهدة جولة تحديات او بعضا من المقالب الكوميدية او الفلوقات، وتهافت الكثير على اضافة ساعات وايام واسابيع وشهور من اعمارهم في متابعة الترند وكيف يحتل مكانه في اعلى المشاهدات بأي طريقة كانت حتى لو كان ذلك بما يصدم مع ثقافة المجتمع وعاداته فقط لجني المزيد من الارباح على حسابنا المشاهدين بلا أي فائدة تعود عليهم. فلا علم تعلموه ولا مهارة اتقنوها ولا فائدة جنوها ولا خبرة اكتسبوها!!.
الكثير يظن أن الانترنت هو محصور فقط في متابعة بث مشهور او مقاطع كوميدية يضيع فيها ساعات عمره الطويلة ويغفل ان الانترنت فضاء واسع بأمكانك تعلم الكثير منه وصقل مهاراتك وتعزيز خبراتك في أي مجال من مجالات العلوم لتصنع الفرق في حياتك وتحقق انجازات تفخر أنت بنفسك بها. فالتعليم الالكتروني هو أحد ابرز المميزات التي قدمتها شبكة الانترنت لمجال التعليم والتدريب. والكثير من الشباب والشابات وظفوا التعليم الالكتروني في تطوير ذاتهم، ووضعوا لنفسهم اهدافا يسعون لتحقيقها واجتهدوا في تكوين مهاراتهم بعزم وجد كبيرين، واستمتعوا برحلة تعلمهم من خلال تعلم شئ ممتع يحبونه
وهناك الكثير من المزايا الرائعة للتعلم الالكتروني ولكننا كشعوب ناطقة بالعربية لم نستغلها أفضل استغلال ولم يتم توظيفها بشكل صحيح. فالتعليم الالكتروني من أهم مزاياه انه يوفر الوصول للمادة التعليمية من أي مكان وفي أي وقت فلا يوجد حدود جغرافية مكانية ولا قيود زمانية. في أي وقت تستطيع تشغيل جهاز الكمبيوتر الخاص بك او الجهاز اللوحي او حتى جهاز الجوال الخاص بك والبدء بالتعلم بكل بساطة. كما أنه يعتبر أقل تكلفة من التعليم التقليدي فهو يوفر تكاليف بناء المدارس او الكليات والجامعات ومايتبعها من تكاليف اضافية في التشغيل ونقل الطلبة وشراء المستلزمات وغيرها. أيضا لاحاجة لوجود كتب او ورق لتتعلم، كل شئ الكتروني ومتوفر بضغطة زر واحدة. ومن المميزات الرائعة في التعليم الالكتروني أن هناك تنوع كبير في الوسائل التعليمية الموجودة مقارنة بالتعليم التقليدي، فمثلا تستطيع قراءة الكتب الالكترونية او التعلم من خلال مشاهدة الفيديوهات التعليمية او من خلال العروض التقديمية وتستطيع كذلك أداء اختبارات قصيرة أو انجاز الواجبات او العمل على مشروع مع فريق من المتعلمين مثلك وكل هذا يضيف الكثير لتجربتك التعليمية ويطور مهاراتك الشخصية ويعزز مهارات الاتصال لديك خصوصا إذا كان مجتمع المتعلمين من دول وبلدان شتى.
لذلك وفي الختام، ادعوك عزيزي القارئ ، عزيزتي القارئة إلى التفكير جديا بصنع تحول في حياتك والبدء من اليوم بوضع خطة للتعلم الذاتي وتطوير القدرات والمهارات والبحث عن شئ تحبون تعلمه ولننهض سويا ونستغل ما تبقى من اوقاتنا التي اضعناها كثيراً في البدء بتعلم شئ جديد وممتع. وحينما نتخذ القرار لتنفيذ ذلك أن يكون لدينا التزاماً كاملاً في تحقيق هدفنا وصدقوني ستمر الايام سريعاً ولكن سيكون مذهلا مقدار الفارق الكبير الذي صنعتوه بجهدكم وعملكم الدؤوب. أمنياتي لكم برحلة تعلم محفوفة بالتفوق والابداع والمتعة.